مقالات

كيف نسجت أوكونر شبكة الموت في "يصعب العثور على رجل جيد"؟

18 يونيو 2025
كاثرين ديغانأحيانًا أثناء الرحلة، تختلف الوجهة النهائية عن الخطة الأصلية. في قصة "يصعب العثور على رجل جيد" لفلانري أوكون...

كاثرين ديغان


أحيانًا أثناء الرحلة، تختلف الوجهة النهائية عن الخطة الأصلية.

في قصة "يصعب العثور على رجل جيد" لفلانري أوكونر، تقود الجدة عائلتها دون قصد إلى مواجهة الخطر. رغم تصويرها كشخصية تبدو "طيبة"، فإن الجدة تتحمل مسؤولية موت عائلتها لأنها فشلت في تمييز التحذيرات العديدة التي سبقت لقاءهم مع المجرم، المارق. بينما يظل العنف غير المتوقع مروعًا، تستخدم أوكونر عن عمد التلميح التنبؤي (الإرهاص) لكشف المسار المدمر الذي تختاره الجدة باستمرار عند مواجهة الخير مقابل الشر.


تخلق المفارقة في القصة رحلة خادعة تواجه فيها الشخصيات حيرة حول الاتجاه الذي سيسلكونه. بينما يتجلى هذا من خلال كلام وأفعال الجدة، فإنها تتناقض باستمرار مع الأفكار التي ذكرتها في البداية.

في بداية القصة، تشرح للعائلة كيف أن المارق هارب ومتجه نحو فلوريدا، حيث تعبر عن قلقها قائلة: "لن آخذ أولادي إلى أي مكان فيه مجرم طليق مثل ذلك". رغم أن العائلة لم تأخذ برأي الجدة، إلا أنها كانت أول من ركب السيارة في صباح اليوم التالي تنتظر الرحلة بفارغ الصبر. يقل قلقها من الخطر تدريجيًا مقارنة بما قالته في البداية، وبدلاً من ذلك، يتغلب حماسها للمغامرة على معرفتها بالمخاطر الكامنة. علاوة على ذلك، تعبر الجدة باستمرار عن عدم القدرة على الوثوق بأي شخص في هذه الأيام، مدعية أن البحث عن رجل جيد حقًا مهمة صعبة. ولكن عند الحاجة، عندما يقع الحادث، تجد الجدة نفسها تعتمد على أي شخص يمر في الطريق لمساعدتها. لسوء الحظ، تصادف المارق في الطريق، لكنها تظل تلحّ في طلب النجدة، محاولة إقناعه بأنها تعرف في أعماقها أنه رجل جيد. وبالطبع، عند مواجهة عقبة، تستسلم للشر، متجاهلة معرفتها الفطرية. لو أنصتت الجدة للتحذيرات التي أدركتها منذ البداية، لكانت الرحلة ناجحة.


التلميحات الضمنية للموت الذي قد يمسّ الجدة وعائلتها تبدأ مبكرًا في القصة، لكنها تختار مع ذلك تجاهل التحذيرات المقدمة. يكاد يكون من الصعب فهم كيف فشلت العائلة في تمييز العلامات المستمرة التي تشير إلى الخطر. أثناء الاستعداد لرحلة الطريق، تلبس الجدة أفضل ملابس الأحد تحسبًا لوقوع حادث حتى "يعرف أي شخص يراها ميتة على الطريق السريع أنها سيدة على الفور". هذه فكرة من غير الطبيعي التفكير فيها في أثناء ظرف مماثل؛ فهي تلبس أفضل ما لديها، على غرار كيفية تجهيز المتوفى قبل الدفن. بالإضافة إلى ذلك، أثناء الرحلة، تمر العائلة بحقل يحتوي على خمسة أو ستة قبور. وهذا يعزّز الجو الغامض للطريق الذي يسلكونه، حيث يتطابق عدد القبور مع عدد أفراد العائلة داخل السيارة. ومع ذلك مرة أخرى، لا يعير أحد في العائلة أدنى اهتمام للأمر ويواصلون السير على "طريق ترابي" يتبع "منحنيات حادة على المنحدرات الخطرة" نحو بلدة تومزبورو (Toombsboro)، وهي علامة أخرى على الموت تنعكس فقط في الاسم حيث يشير المكان إلى سوء الحظ. علاوة على ذلك، بعد وقوع حادث السيارة، تلاحظ الجدة اقتراب "سيارة كبيرة سوداء مهترئة تشبه سيارة الجنازة". ممثلة الشر، مع اقتراب المارق، يلوح الموت ويصبح وشيكًا. بمجرد مقتل العائلة، يتضح أن موت الجدة سيحدث كما ذكر في بداية القصة، "يجب أن تذهب إلى كل مكان نذهب إليه". رغم وجود العديد من الفرص التي كان بإمكان العائلة من خلالها تجنب مصيرهم المحتوم، كلفتهم سلوكيات الجدة العنيدة والجاهلة حياتهم.


حتى عندما تُعطى جميع الإشارات التي تؤدي إلى سوء الحظ، تختار الجدة تجاهل معرفتها والتصرف بناءً على غرائزها. ورغم أنها تعتبر إحدى الشخصيات الطيبة أخلاقيًا، إلا أنها في الحقيقة مذنبة مثل المارق. لو قررت البقاء في المنزل بدلاً من الذهاب في الرحلة، لما حدث أي من الأحداث وكانت النتيجة النهائية مختلفة تمامًا. تسببت في سلسلة من الأحداث أدت إلى الخطر والموت، متجاهلة كل العلامات التي حذرتها صراحة من الطريق المدمر الذي ينتظرها. لقد استهلكها الشر وكان الشر دائمًا هو المنتصر.


لطلب المجموعة القصصية اضغط هنا